المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعوا إلى سن قانون لتجريم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني
نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشراكة مع اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني، يوم 17 أكتوبر 2011 بمقر هذا الأخير، ندوة تكوينية لفائدة منظمات المجتمع المدني حول موضوع "القانون الدولي الإنساني في عالم اليوم". وقد استهدفت هذه الدورة الثالثة من نوعها، والتي أطرها مجموعة من الخبراء في مجال القانون الدولي الإنساني، زيادة الوعي بالحقوق المسطرة في هذا القانون والمساهمة في تعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني من أجل استيعاب أفضل للمبادئ والقيم الإنسانية التي يكرسها هذا القانون وعيا بأن التطبيق الأمثل للقانون الدولي الإنساني تستوجب المعرفة والدراية الكاملتين بأحكامه ومقتضياته.
خلال كلمته الافتتاحية، شدد السيد الصبار على الأهمية الكبيرة التي أضحى يكتسيها القانون الدولي الإنساني حاليا خاصة في ظل تزايد بؤر التوتر في مختلف بقاع العالم، وما يصاحب ذلك من انتهاكات تمس الحقوق الأساسية والكرامة الإنسانية للكائن البشري، خاصة فئة المدنيين غير المشاركين في النزاعات المسلحة، وأكد على أهمية تنظيم مثل هذه الدورات لدورها الفعال في الرفع من قدرات المستفيدين منها من أجل استيعاب أفضل للمبادئ والقيم الإنسانية التي يكرسها هذا القانون.
كما ذكر السيد الصبار بأن الظهير الجديد المحدث للمجلس منح له صلاحيات موسعة في مجال القانون الدولي الإنساني، حيث نصت المادة 19 على أن المجلس يسهر على النهوض بمبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني والعمل على ترسيخها، مشيرا كذلك إلى أن الدستور الجديد الذي اعتمده المغرب مؤخرا نص في تصديره على حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما والإسهام في تطويرهما. كما تم التنصيص على إصدار عقوبات في حق من يرتكب جريمة الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وكافة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان.
من جهتها قدمت السيدة فريدة الخمليشي، رئيسة اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني، عرضا شاملا حول عمل اللجن الوطنية للقانون الدولي الإنساني والهدف من إنشائها وعملها وهيكلتها وأهدافها الإستراتيجية ومحاور اشتغالها سواء على المستوى الوطني أو الدولي. كما أكدت على أن تنظيم هذه الدورة يشكل لبنة جديدة في مسار متواصل تحرص اللجنة الوطنية للقانون الدولي على الاستمرار فيه، أخذا بعين الاعتبار الدور الريادي الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني في تطبيق هذا القانون سواء من خلال نشر أحكامه أو فضح وإدانة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني.
سهر على تأطير هذه الدورة مجموعة من الخبراء المغاربة والمصريين وهم السيد شريف عتلم، المنسق الإقليمي لقسم الخدمات الاستشارية للقانون الدولي الإنساني داخل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأستاذ محمد بزاز، أستاذ بكلية الحقوق بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، الأستاذ محمد الكرناوي، القاضي شكري الأجراوي، ممثل وزارة العدل باللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني بالمغرب، والقاضي الدكتور سري صيام، رئيس محكمة النقض ورئيس المجلس الأعلى للقضاء السابق بمصر.
سلط الأستاذ محمد البزاز، أستاذ بكلية الحقوق، الضوء على العلاقة الكائنة بين القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان ونقاط الالتقاء والاختلاف بينهما مبرزا أنهما نظامان قانونيان مستقلان لكلّ منهما غايته الخاصّة، لكنّهما يتكاملان لضمان حماية شاملة للإنسان. كما قام الدكتور شريف عتلم، بعد الإحاطة بالموضوع، بتقديم اللجنة الدولية للصليب الأحمر والإشكاليات التي تعيق عملها والمجهودات التي تصبوا من خلالها إلزام الدول باحترام القانون الدولي الإنساني. فهذه الأخيرة تقوم بدور الوصي على القانون الدولي لحقوق الإنسان والعمل على نشره والتعريف به، حيث يستند دورها على اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين. وتعطي هذه المعاهدات اللجنة الدولية حق الاضطلاع بأنشطة من قبيل إغاثة الجرحى والمرضى ومد يد العون للمدنيين.
يذكر في إطار متصل أن المغرب قد انضم إلى البروتوكولان الإضافيان الملحقان باتفاقيات جنيف الأربع الخاصة بحماية ضحايا النزاعات المسلحة والموقعة في 12 غشت 1949، ويتعلق الأمر بالبروتوكول الأول المتعلق بحماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة، والبروتوكول الثاني المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية (وقع المغرب على هذين البروتوكولين في 12 ديسمبر1977).